كتاب
التورات اليهودية مكشوفة على حقيقتها
"التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها " كتاب هام يقدم رؤية جديدة لإسرائيل القديمة ، وأصول نصوصها المقدسة على ضوء اكتشافات علم الآثار ، وهو من تأليف اليهوديين " إسرائيل فنكلشتاين " و " نيل سيلبرمان " ، وتأتي أهميته من أن هذه الرؤية اليهودية
تدحض المزاعم الصهيونية الاستعمارية التي يستندون إليها في احتلال فلسطين بحجة أنها أرض الميعاد حسب زعمهم ، فالكتاب يقر على لسان محققين يهوديين ـ إسرائيلي وأمريكي ـ صاحبا خبرة طويلة في التنقيبات الأثرية ؛ حيث أثبتا أن التوراة الحالية كتبها كهنة يهود في عهد الملك يوشيا ملك يهوذا في القرن السابع قبل الميلاد ، والكتاب في الأصل صادر باللغة الإنجليزية وهذه هي النسخة العربية منه والتي قام بترجمتها سعد رستم في أربعمائة وأربعين صفحة من القطع الكبير عن دار الأوائل للنشر بسوريا ، ويحسب للمترجم أنه أضاف للكتاب مزيداً من التفاصيل المثيرة التي تهم القارئ العربي عن تاريخ بني إسرائيل وأنبيائهم ، وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام ويتضمن كل منها عدداً كبيراً من الفصول ، ويتناول بشيء من التفصيل الروايات التوراتية ومقارنتها بالاكتشافات الأثرية ، والتي خرج منها المؤلفان بطعنة في صميم المعتقدات اليهودية التقليدية التي بنيت عليها دولتهم الاستعمارية .
التوراة والآثار
استهل المؤلفان كتابيهما بمقدمة هامة عن علاقة علم الآثار بالتوراة، وهي خلاصة دراسة مفصلة تمتد لمئتى سنة للنص العبري في الكتاب المقدس والاكتشافات الأثرية التي يتسع نطاقها في كل الأراضي الواقعة بين نهر النيل ونهرى دجلة والفرات ، مشيرين إلى أنه تم التمييز بين المصادر الشفهية والمكتوبة التي استند إليها النص التوراتي الحالي ، وبين ما أنتجه علم الآثار من معرفة موسوعية للظروق المادية والتطورات الاجتماعية خلال القرون التي تبلورت خلالها تقاليد وسنن إسرائيل القديمة بشكل تدريجي ؛ حيث استخدمت طرق تنقيب حديثة مع تشكيلة واسعة من الفحوص والاختبارات لتحليل تاريخ وحضارة الإسرائيليين القدماء ، وحضارة جيرانهم الفلسطينيين والفينيقيين والآراميين والموآبيين ، وقد خلصا في مقدمتهما إلى أن علم الآثار ساعد على إعادة بناء التاريخ الحقيقي الكامل خلف نصوص التوراة على صعيد الملوك والممالك العظيمة ، وكذلك على صعيد أسلوب الحياة اليومية ، مؤكدين على أن علم الآثار كشف أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا في المكان ولا بالطريقة أو الأوصاف التي رويت بها في الكتاب المقدس العبري ، بل إن بعض أشهر الحوادث فيه لم تحدث مطلقاً .
الكتاب المقدس
وبعد أن أسهب المؤلفان في شرح تفاصيل ماهية الكتاب المقدس في ختام مقدمتيهما التي احتلت ما يقرب من خمسين صفحة من الكتاب ، انتقلا إلى أول أقسام الكتاب والذي يدور عن تاريخ الكتاب المقدس العبري والبحث عن الآباء وتتبع بعض القصص التاريخية ذات الصلة وما فيها من مفارقات ، فتوقفا عند خريطة الشرق الأدنى القديم ، وتساءلاً " هل حدث فعلاً الخروج الجماعي من مصر ؟ " وهو سؤال حمل في مضمونه إجابة بالنفي ، تبينت للقاريء من خلال فصول هذا القسم من الكتاب بدءاً من قصة بني إسرائيل في مصر ، وصعود الهكسوس وانهيارهم ، والإشارة إلى تعارض التواريخ والملوك ، وهو ما يستنبط منه الإجابة بالنفي . كما توقف الكتاب عند الإجابة عن سؤال " من كان الإسرائيليون ؟ " وحقيقة وراثة الأرض الموعودة ، ليفجر المؤلفان حقائق خطيرة أهمها أن إسرائيل المبكرة برزت نتيجة لانهيار الثقافة الكنعانية وليس سبباً لهذا الانهيار كما جاء بالكتاب المقدس العبري ، وأن أغلب الإسرائيليين لم يأتوا من خارج كنعان بل من داخلها ، وأنه لم يكن هناك خروج جماعي من مصر كما يزعم الإسرائيليون الآن .
أورشليم
وفي جزء آخر من الكتاب أورد المؤلفان اليهوديان من الدلائل المعتمدة على التنقيبات الأثرية والحفريات الحيوانية والأطلال التاريخية ما جعلهم يقولان بالنص " أنه من المستبعد جداً أن تصبح هذه المنطقة المسكونة بشكل متناثر من يهوذا وقرية أورشليم ( القدس ) مركزاً لإمبراطورية عظيمة تمتد من البحر الأحمر في الجنوب إلى سوريا في الشمال ، حيث إنه لا يمكن لأي ملك أن يجهز أو يحرك الرجال والأسلحة اللازمة لإنجاز مثل هذه الفتوحات الإقليمية ، خصوصاً أنه لا توجد أي إشارة أثرية للثروة أو القوة البشرية أو مستوى التنظيم اللازم لدعم جيوش قوية " ، وهو ما جعل المؤلفين يختتمان بسؤال استنكاري هو " كيف كان من الممكن لهم أن يتمكنوا من إدارة الإمبراطورية الأوسع والأكثر طموحاً لسليمان بن داوود ؟ " ليعودا ويؤكدا في جزء آخر من الكتاب أن الحقيقة التاريخية لمملكة داوود وسليمان مختلفة تماماً عن الرواية في الكتاب المقدس ؛ فقد كانت جزءاً من تحول سكاني جغرافي عظيم أدى إلى ظهور مملكتي يهوذا وإسرائيل في تسلسل تاريخي بنحو مختلف عن التسلسل الذي وصفه الكتاب المقدس العبري .
إسرائيل القديمة
وفي سياق آخر من الكتاب ، شرح المؤلفان قصة صعود وسقوط إسرائيل القديمة ، استناداً إلى الدلائل الأثرية والتاريخية ، منذ كانت إسرائيل دولة واحدة وشعباً واحداً ما بين عامى 930 : 720 ق.م مروراً بقصة انقسامها إلى اثنتى عشرة قبيلة ومملكتين ، ليصلا بنا إلى حكاية النبوءات الأربعة عن إسرائيل وشعبها ، وكيف سيء فهمها وتفسيرها ، لنفاجأ بين سطور الكتاب بما يسمى " مملكة إسرائيل الأولى المنسية " ونعرف كيف نجحت الآثار في كشف ما طمسه الكتاب المقدس من وصف حقيقي لها عبر قرون طويلة عندما حُكم على " عمري " و " آخاب " و " إيزابيل " بأن يكونوا مادة للسخرية والاحتكار على عكس الواقع التاريخي الذي أكدته البقايا الأثرية ، كما يؤكد الكتاب على أن مرحلة ما بعد النفي في تحرير الكتاب المقدس العبري حيث الشعور بالحيرة وعدم الاطمئنان دون السيطرة على معظم الأرض ، والتي عدوها ملكهم طبقاً للوعد الإلهي ، كل ذلك دفعهم ـ على حد قول المؤلفين ـ إلى " إعادة صياغة بارعة للقلب التاريخي للكتاب المقدس العبري بنحو كان يمكنه أن يخدم كمصدر أساسي للهوية ومرسى روحي لشعب إسرائيل وهو يواجه الكوارث العديدة والتحديات الدينية من باب الاحتياج للم الشمل وتوحيد الشعب " .
نتائج هامة
وإذا كان الكتاب يقدم لنا شهادة يهوديين على تاريخ دولتهم المزعومة ، دعماً بالمستندات والقرائن الأثرية ، فهذا يكفي لقراءة مثل هذا الكتاب الذي نحتاجه كثيراً ، خاصة هذه الأيام بعد أن اختلط الحابل بالنابل ونجحت إسرائيل في تزوير التاريخ وخداع العالم كله ؛ فلقد كشف المؤلفان عن حقائق خطيرة خلصا إليها في كتابيهما ، أهمها أن سيدنا سليمان لم يبن هيكلاً ولا معبداً كما يزعمون الآن ، وأنه لم يكن هناك دين يهودي موحد في أغلب تاريخ إسرائيل القديمة ، والتأكيد على بطلان الدعاوى الصهيونية في أرض فلسطين استناداً لتواجدهم القديم فيها ، أو أنها أرض الميعاد ، بعد أن ثبت تاريخياً أن فلسطين ، كانت مسكونة من عدة شعوب توالوا عليها كاليبوسيين والكنعانيين والفلسطينيين والعماليق والعرب ، بينما إسرائيل لم يكونوا إلا مجموعة هامشية فوضوية سيطرت لفترة قصيرة على منطقة محدودة من المرتفعات والتلال المركزية في فلسطين.
11087 | 222,1/178 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available