كتاب
في الأدب الحديث ونقده
لا شك أن حال النقد العربي مؤسف حزين ! وأن فوضى الانفتاح على الآخر أضحت ترفًا لا يحتمل ، غير ما هنالك من فوضى استخدام المصطلح،.. فالنقد فن التمييز بين الأساليب، وكلمة (نقد) في اللغة العربية، تعني تمييز الدراهم، وإخراج الزائف منها، ثم تطورت اللفظة بعد ذلك إلى الكشف عن محاسن العمل الأدبي ومساوئه، وقد نشأ النقد مع نشوء الأدب أو بعده بقليل، فإذا اعتبرناه يسير مع الأدب ، فنعني أن الأديب حين ينتهي من كتابته للنص، يعيد قراءته، كاشفا أخطاءه، مقوما عيوبه، فيحذف كلمة واضعا مكانها كلمة... وحين نقول إن النقد الأدبي يأتي بعد النص، نعني بكلامنا أن الكاتب حين ينتهي من كتابته نصه، يطبعه لينشره بين الناس ليمكنهم من الإطلاع عليه، ويأتي الناقد ويقرا الكتاب المنشور، فيحلله مبينا مميزاته وعيوبه، وحين يطلع القارئ على النصوص الأدبية، وتثير به الإعجاب فالإعجاب أو عدمه لا نطلق عليه لفظة النقد، بل لابد من المضي إلى أكثر من إظهار الإعجاب، بخطوات أخرى، يبين بها القارئ – الناقد - المهتم أسباب إعجابه بنص معين، وتبيان مناطق القوة والضعف وذلك ما نسمّيه المنهج النقدي.
وقد تطور (النقد) في العصر الحديث، وتعددت مناهجه، ولكن يبقى المعنى العام له واحدا، منذ أرسطو وحتى اليوم، وهو لا يعدو أن يكون أسئلة عقلية يطرحها الشخص الذي يتصدى للعملية النقدية، عن مضمون النص، والطريقة التي سلكها الأديب، للتعبير عن أفكاره، وعواطفه، فمهمة الناقد هي الكشف عن مضامين النص الأدبي، والكيفية التي لجأ إليها الكاتب للتعبير عن تلك المضامين، تأتي بعد ذلك عملية التقويم، بمعنى الحكم لصالح العمل الأدبي أو ضده، وهذا الرأي الذي يراه جمهرة النقاد، تختلف فيه معهم مجموعة من النقاد ترى أن مهمة النقد تقتصر على الكشف عن مضامين النص الأدبي، وأسلوبه، أما مسالة الحكم، فليست من مهمات الناقد !
إذن، الناقد لا يستطيع الحكم على النص الأدبي بيسر وسهولة ، إذ لابد أن تدعمه الثقافة الواسعة بعلم الكلمة ومدلولاتها وجمالها والاستعمال الحقيقي لها والمجازي، والنقاد يختلفون بالطريقة التي ينظرون بها للنص الأدبي، فيهتم الواحد منهم بجانب معين ومحدد: البعض يهتم بالمضمون ، وآخر يعنى بالشكل، بعضهم يرى أن العمل الأدبي صورة لمنشئه ونسميه المنهج النفسي في النقد، وفئة ثانية من النقاد تعتقد أن العمل الأدبي صورة للواقع الاجتماعي وهو ما نطلق عليه المنهج الاجتماعي، ومجموعة ثالثة من النقاد ترى أن النص الأدبي موجود بصورة مستقلة عن الأديب الذي أنشأه، وعن المجتمع الذي عاش بين أبنائه، ويسمى هذا بالمنهج الفني.. وهكذا.. فالكتاب درس هذا كله و قسمه إلى قسمين كبيرين: الأدب والنقد، ونظر بزاوية ثلاثية هي العرض والتوثيق والتطبيق، ولم يغفل لحظة عن منهجه ! فوثق متى احتاج ذلك وعرض وفصل أو لخص ونظم متى كان ذلك أفضل.. ثم طبق على بعض ما قدمه من عرض لتتم الفائدة .. علنا نصل للحظة التي لا نحب أن نكون فيها في ذيل الركب! و الله الهادي و هو نعم المولى و نعم النصير.
32110 | المكتبة الرئيسية | Available | |
32111 | المكتبة الرئيسية | Available | |
32109 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available