كتاب
أيديولوجيا الكتابة الصحفية
تعتبر الكتابة الصحفية علماً وفناً في آن واحد، فهي علم يدرس القواعد والأسس التي تنظم عملية الكتابة وصياغة الأخبار وتقديمها للقراء، وهو فن لأنه يُظهر إبداع المحرر ومدى توفيقه في إيصال المعلومة للقارئ بشكل جذاب، نتيجة لما يقدمه له هذا العلم من قواعد وأسس وتوجيهات ومبادئ، تساعده وتوجهه في عمله.
ومع تطور وسائل الاتصال وتنوعها، ازدادت أهمية الكتابة الصحفية، وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية، التي تعاني من مشاكل كثيرة على كافة المستويات والصعد، ومن نقص كبير في عدد القراء الذين يسعون وراء المعلومة، مما يحتم على المحرر الصحفي العمل على تقديم المعلومة الموثقة، التي تشد القراء إليها، والتي تزودهم بالمعرفة الصحيحة، وتساهم في توعيتهم وتنبيههم إلى ما يدور حولهم من أحداث، وتحثهم على التفاعل والاهتمام بقضاياهم وقضايا أمتهم، وهنا تظهر حرفية ومصداقية المحرر الصحفي الذي تقع عليه مسؤولية تقديم الخبر الملفت الصادق، والذي يضع نصب عينيه أنه صاحب رسالة سامية، هدفها العمل على إنهاض الأمة، والمساهمة الفاعلة في إصلاحها وتقدمها.
وإذا أردنا تحديد مفهوم الكتابة الصحفية وتعريفها، فيمكن لنا وصفها بأنها: علم وفن تحويل الأحداث والأفكار والخبرات والقضايا الإنسانية، ومظاهر الكون والحياة إلى مادة صحفية يمكن فهمها عند مختلف فئات المتلقين، سواء المثقفين منهم، أو غيرهم من الفئات الأخرى ذات الثقافة المتوسطة أو المتدنية، وهو يستند إلى النظرية العامة للصحافة، ونظرية الأنواع الصحفية، التي تحدد الأنواع الصحفية ومجالات استخدامها، والمهمات والوظائف القادرة على إنجازها، والمراحل التي تمر بها عملية إبداعها، ويعتبر التحرير الصحفي انعكاساً لإمكانات الصحفي الفكرية والثقافية والمهنية.
والأنواع الصحفية هي أشكال أو قوالب يستخدمها الصحفي في عمله، مثل: الخبر الصحفي، التقرير الصحفي، التحقيق الصحفي، الحديث الصحفي، المقال الصحفي، الحملة الصحفية، بالإضافة إلى أنواع أخرى كالعمود الصحفي الذي يقوم بكتابته شخصية صحفية مشهورة، ويقدم فيه الكاتب رؤيته للحوادث والوقائع والأفكار.
والباحث في هذا المجال سيجد تعريفات كثيرة ومختلفة لكل نوع من هذه الأنواع الصحفية، يختلف باختلاف الإيديولوجيات والسياسات والمدارس الصحفية التي تختلف في تحديدها لوظائف الصحافة، فبعضها يعتبر أن وظيفة الصحافة تتمثل بالإعلام والتثقيف والترفيه والتسلية، بينما يرى آخرون أن وظيفتها هي التحريض والدعاية والتنظيم، وعند آخرين فإن وظيفتها هي التعبئة والتنشئة والتجنيد والإسهام في التنمية، ومع اختلاف هذه النظريات يختلف تعريف الأنواع الصحفية بين مدرسة وأخرى.
ولكن هذه الأنواع تعكس الواقع بشكل مباشر، وبطريقة واضحة سهلة، غايتها تقديم وصف وتحليل وتفسير للأحداث والظواهر والتطورات في مختلف مجالات الحياة بأسلوب متفاوت في عمقه وشموليته، والهدف هو إيصال رسالة إلى القارئ، بقصد إمداده بالمعرفة، والمساهمة في تكوين أفكاره، وتوجيه سلوكه نحو الأفضل، وهي تتصف بالاستمرارية، وتقوم بتقديم واقع انتقائي، بمعنى أنها تقوم بعملية انتقاء واختيار للأحداث والتطورات والوقائع على حسب درجة أهميتها وسياقها الاجتماعي، والمتلقي الذي تسعى للوصول إليه.
29017 | المكتبة الرئيسية | Available | |
29016 | المكتبة الرئيسية | Available | |
29018 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available