كتاب
الأوفياء يذكرونك يا عباس لغرور
الكتابة عن عباس لغرور، مثل الكتابة عن رفيقه عاجل عجول، صعبة وهذه الصعوبة جعلتني أخطط وأعيد التخطيط مرات عديدة، وتمكنت من ذلك بصعوبة، وبعد اتصالات عديدة، وبحث كبير.,إن عباس لغرور رجل فوق العادة؛ فهو متديّن حتى النخاع، وكان ذلك أحد أسباب تفرده عن غيره، مقدام لا يهاب.. حاولت البحث في أسباب هذا التدين،فسألت أخاه صالحا، وأحد أعمامه، فأجابوني: ربما يعود ذلك إلى تواجد بيت والده الريفي على الطريق الرابط بين الشرق والغرب، والذي يسلكه الحجاح،الذين يؤدون فريضتهم مشيا على الأقدام، حيث كان والده يستضيفهم، سواء كانوا ذاهبين أو عائدين. وأن والده لم يكن متدينا، ولم يكن له أي تأثير في تدين ولده. حاولت أن أعرف سبب بطولته وإقدامه، فقيل إنه من عرش عرف بالبطولة منذ قدم التاريخ. فتساءلت مرة أخرى؛ ولكن هؤلاء الذين ينتمي إليهم ليسوا على شاكلته وعلى درجته من الشجاعة والإقدام. فقيل ربما تأثر ببعض أقاربه، فأقاربه ثاروا في فترات سابقة ضد فرنسا وكان منهم: لغرور عبد الحفيظ، الذي اعتصم بالجبال سنة 1916، وهاجم المعمرين وممتلكاتهم، وألقي عليه القبض ونفي إلى كاليدونيا، حيث توفي هناك. فلغرور محمد الذي فر من الخدمة العسكرية الإجبارية سنة 1918، وهاجم المعمرين وممتلكاتهم، وألقي عليه القبض، وهو جريح فمات في السجن. ربما كانت هذه الجوانب هي من الأسباب التي جعلت عباس رجلا كبيرا، يمارس جهاده بالشروط وبالكيفية التي مارس بها الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم جهادهم. وكان مثله مثل خالد بن الوليد رضي الله عنه، فما من موضع في جسمه إلا وأصيب، يقول عنه فارال، التقيناه في كل مكان فلم نتمكن منه، ويبدو أن الآخرين، أي رفاقه، قد تمكنوا منه أخيرا، وتم إعدامه بتونس.
7572 | 965,04092/638 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available