كتاب
الزهد في الشعر العربي
الزهد ظاهرة نفسية كان لها أثر كبير في الشعر العرب، والزهد لغة هو عدم الرغبة فيقال زهد في الشيء إذا لم يرغب فيه، أما اصطلاحاً فهو حنين الروح إلى مصدرها الأول ولمعرفة الخالق عن طريق الزهد في الدنيا ومتاعها والرغبة عن نعيمها وتفضيل نعيم الآخرة عليها، مرت الروحية العربية بعدة مراحل وتعرضت لعدة مؤثرات، وبعد أن كانت تديناً وورعاً تطورت إلى زهد ثم مع تطور الحياة تحولت إلى تصوف تأثر بالنظريات الفلسفية.
في العصر الجاهلي كان شعر التدين يظهر في صورة أبيات مفردة تأتي عرضاً في قصيدة تعالج موضوعاً ما، لكن شعر التدين هذا كان عبارة عن حكم متفرقة أتت نتيجة للتأمل وللتجربة فجاءت صادقة تتعلق بالموت وما بعده. في أواخر العصر الجاهلي شبه الجزيرة متعشطة إلى الإصلاح الديني ومهيأة لظهور الدين الجدي، وهذا ما نلاحظه في معاني بعض القصائد التي كانت تقترب في معاني الإسلام، وذلك بطبيعة تأثير الديانات السابقة، من الشعراء المتعبدين قبل الإسلام عدي بن زيد المشهور بالوعظ والتذكير، ومن الشعراء المتخفين الذين تلمسوا دين إبراهيم المأمور الحارثي وأكثم بن صيفي وزيد بم عمر بن نفيل... في صور الإسلام خفت صوت الشعر في البداية ثم انطلق يدافع عن الإسلام ويمدح للرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا العهد بدأت معاني الإسلام تظهر بوضوح في العشر فتدعو للمعروف وتنهي عن المنكر وتذكر بالثواب والعقاب، لكن الإسلام وتعاليمه لم يتمكن من ردع الفتن التي نشأت بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان. وقد وجد الزاهدون خلال الاضطرابات العامة السياسية وخلال الصراع المذهبي والفساد الأخلاقي أنفسهم يهربون من زيف الحياة ويلجأون للورع ويقبلون على القرآن والسنة الشريفة.
مع العصر العباسي تطور الزهد كرد فعل وكتيار مضاد لموجة الزندقة التي انتشرت بين الناس وأصبح للزهد شعراء مختصون هجروا ملذات الدنيا وانقطعوا للعباد فافردوا شعرهم للزهد ولم يشغلوا أنفسهم بغيره. فتطور معهم الزهد وأوغل في الروحانية والفلسفة والحكمة. كما وأن بعض الشعراء الذين عرفوا بالمجون، توجهوا في آخر أيامهم نحو التوبة وبدت في أسفارهم نزعة الزهد الخالص كما في أشعار أبي النواس.
في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب من "سلسلة المبدعون" ليقدم للقارئ العربي كماً من القصائد المكتوبة في الزهد والمختارة لشعراء مخضرمين كانت لهم مكانتهم في العصر الذي عاشوا به، ونذكر هنا على سبل المثال: ابن حمديس من العصر الأندلسي، رابعة العدوية من العصر العباسي، النابغة الشيباني العصر الأموي، أمية بن الصلت العصر الجاهلي.
018683 | 811/ 1806 | المكتبة الرئيسية | Available |
018680 | 811/ 1806 | المكتبة الرئيسية | Available |
018682 | 811/ 1806 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available