كتاب
توأم التنين
رواية توأم التنين
الفصل الاول
رسا يخت فاخر أنيق يرتفع على ساريته علم يونانى فى مرفأ فورت فرناند وهى جزيرة فى البحر الكاريبى ونزلت من اليخت شابة صغيرة فى الحادية والعشرين من عمرها نحيلة ترتدى سترة زرقاء ضيقة من قماش سميك فوق سروال وتعتمر قبعة أنيقة فوق شعرها الأسود الطويل.
كانت عيناها سوداوين عميقتين كأنهما بركتان ويسبح فيهما المرح وفى اذنيها قرطان من الذهب عندما ينعكس عليهما النور يرسلان بريقا يضفى على وجنتيها شحوبا ذهبيا عندما ينعكس عليها النور
قالت باليونانية:
يبدو ان هذا المكان فندق
كانت تكلم البحّار الذى يسير معها وهى تشير الى بناية تطل منها شرفات مزخرفة وامامها ساحة فسيحة فيها نخيل تتخلله مشاتل من الزهور الحمراء.
- سأبقى هنا بضعة أيام
تلفتت حولها لتتعرف الى البيئة الاستوائية التى وجدت نفسها فيها
كانت المراكب الشراعية فى المرفأ تهتز مع النسيم ورائحة السمك والتبغ تتسرب من الاكواخ البالية التى اكلتها حرارة الشمس والرياح المالحة القادمة من البحر
كان شيخ يدخن غليونه تحت الجدران البيضاء ونظر اليها بعينيه السوداوين محييا فردت له نظرته
وللحال عرفت انها فى القسم الفرنسى للبحر الكاريبى بعيدا عن شواطئ بلادها اليونان.
وصلت مع البحار الى الفندق وحمل حقائبها الى الداخل ودعته باليونانية قائلة:
اخبر اخى اننى فى جزيرة دى لوك
من اجل عطلتى
سأعود لأحتفل معهم بعيد الميلاد الثالث لابن اخى العزيز
ابتسم البحّار لها . كان قد امضى فترة طويلة يعمل فى خدمة آل ستيفانوس
ويعرف المحبة القوية التى تربط بول وشقيقته كارا بالرغم من ان والدتها غير والدته.
وبالرغم من بلوغ كارا سن الرشد الا انها تبدو شابة يافعة عيناها السوداوان الواسعتان يختلط فيهما الحزن والمرح وتبدو رائعة حين تضحك او ترفع ابن اخيها الصغير دومنيك بين ذراعيها وهى تلاعبه
قال البحّار:
وداعا انسة كارا ... اتمنى لك عطلة سعيدة
فأجابته وهى تبتسم :
شكرا أتمنى لك عودة سالمة.
وتقدمت من مكتب الاستقبال فى فيكتوار فقرعت جرسا صغيرا فوق المكتب سمع صداه فى ارجاء الفندق
كان الهدوء يخيم على الصالة ولا يقطعه سوى صوت المروحة التى تدور متدلية من السقف
وحضر على الفور موظف من مواليد جزر الهند ينطق بالفرنسية يمشى متثاقلا ويبدو على وجهه النعاس.
خرج من غرفة صغيرة خلف المكتب وكان يبتسم ابتسامة مصطنعة وهو يحاول ان يلبس السترة البيضاء المجعدة.
وجدت غرفة لها فى الفندق فموسم السياحة لم يحن بعد والفندق نصفه فارغ.
وقدم لها موظف الاستقبال السجل لتكتب فيه اسمها وعنوانها وتوقعه.
كانت عيناه تلاحقانها وهى تقوم بهذا وقرأت فى السجل اسم شخص منفرد فى السطر الذى يعلو اسمها : لوكان سافدج .. من سكان خليج التنين فى جزيرة دى لوك.
ابتسمت كارا وقالت فى نفسها ... ما هذا الاسم الوحشى والعنوان الاكثر وحشية ! ربما هما لشخص خنوع مثل الفأرة .
قرع الجرس فوق المكتب مرة ثانية وعلى الفور حضر غلام وكان يجلس تحت ظل النخيل وحمل لها حقائبها الى المصعد الذى يشبه قفصا مكونا من القضبان الحديدية
كانت غرفة كارا فى الطابق الثانى فى منتصف الممر ... واسعة لها شرفة صغيرة تشرف على ساحة الفندق الرئيسية
اثاث الغرفة قديم ويعود فى تاريخه حتما الى عهد المستعمرات.
تكلم الغلام بلكنة فرنسية غريبة واخبرها ان الحمام فى نهاية الممر وان الماء الساخن يتوفر فى المساء من كل يوم وقال:
هناك دوش يا انسة
المياه الساخنة فى الفندق للسواح فقط هل انت سائحة ؟
اجابته بلغة فرنسية صحيحة تعلمتها فى المدرسة:
نعم اننى سائحة
دهش الغلام وسر كثيرا بالاكرامية التى نقدته اياها.
- هل ترغبين فى دليل سياحى ؟ استطيع ان ارافقك الى المدينة وأريك معالمها
- ربما احتجت اليك ما اسمك ؟
قالت ذلك وهى ترشده الى خارج الغرفة
- نابوليون . ويمكنك ان تنادينى باختصار ناب
قالت وهى تضحك:
حسنا يا ناب
كانت كارا تستطيع التعامل مع الصغار والكبار بسهولة
- سأصفّر لك ان اردتك
_ حسنا ...
ثم خرج الى الممر المعتم كانت الستائر مسدلة لتحول دون دخول حرارة الشمس واغلقت كارا باب غرفتها
ثم خلعت قبعتها وسترتها ومرت باصابعها فى شعرها الطويل الاسود
شعرت بخشونته من تأثير الشمس والمياه المالحة وتنهدت وهى تسرح بفكرها ... ان الفتاة التى تزوجها نيكوس امريكية وشعرها اشقر وبشرتها صفراء شاحبة انها جميلة ولكنها مدللة.
فتحت حقائبها وبدأت توضب اشياءها فى الحال
وامسكت بفستان من الكتان فكرت بأنها ستلبسه هذا المساء فوضعته على مسند الكرسى.
واخرجت كلسات النايلون ووضعتها على خشب السرير ثم تناولت بروازا جلديا وحدقت بالصورة العائلية التى يحتويها
كانت صورة شقيقها بول وهو يطوق خصر زوجته النحيلة دومينى بشكل حازم وقد جلس قربهما صبى صغير يشع من عينيه بريق غريب كان بول يمسكه بيده الثانية
تذكرت كارا كيف ان شقيقها العزيز بول كان مريضا وكيف ان العناية الالهية اعادت اليها شقيقها ومحبته الكبيرة.
Shell منتديات روايتى
وتذكرت يوم استلمت الرسالة التى اطاحت بحلمها الكبير وحبها الوحيد
كانت كلمات الرسالة تلاحقها مثل اغنية شائعة تقول:
عزيزتى كارا
اعرف انك ستفهمين موقفى وستسامحيننى لقد وعدتك بالزواج واقسمت على ذلك ... تجاهلت الحب من اول نظرة حب الغريب للغريب وهذا ما حصل لى وغير مجرى حياتى وكل قراراتى وخططى السابقة
لقد تزوجت يا صديقتى اليونانية الصغيرة اسم زوجتى سيسلى .
تقابلنا بعد وصولى الى بوسطن بقليل
وكنت احضر الى امريكا لأدير اعمال الشحن من هنا فى هذا القسم من العالم
اننى احبها كثيرا اعرف تماما انه الحب الحقيقى الذى يصادفه الرجل ويشعر بقوته مرة واحدة فى حياته
وانت ايضا يا كارا ستجدين الحب مثلى وستسعدين ذات يوم .
كيف اسعد واهنأ بدون نيكوس ؟ انه رفيق عمرى طفت معه تلال اليونان وهضابها سبحت معه واصطدت اسماك البحر الايونى مزقت العسل من خلايا النحل الاسود فى ضواحى انديلوس المزهرة شاركته معظم افراحى واتراحى وطفولتى وصباى لقد خسرته لامرأة اخرى تسكن فى النصف الاخر من العالم.
اقترحت عليها دومينى هذه الرحلة ... للنسيان
وقد اقنعت بول بأن يضع تحت تصرفها اليخت الفاخر الذى تملكه شركة ستيفانوس للنقليات البحرية والتى تجوب اساطيلها البحار.
وضعت كارا الصورة العائلية على الطاولة بين السريرين .
Shell منتديات روايتى
عندما يعود اليخت الى انديلوس ويخبر القبطان شقيقها بأنها نزلت هذه الجزيرة فى البحر الكاريبى سيغتاظ كثيرا وستكون مهمة دومينى ان تهدئ من روعه
ستقول:
- يا استاذ بول يا زوجى القوى
عليك أن تعترف بأن كارا بلغت الحادية والعشرين من عمرها انها امرأة بلغت سن الرشد
لها عقل وتستطيع ان تقرر حياتها بنفسها
انها ترغب الان بالانفراد قليلا
فعلها ان تنسى الماضى وتفكر بالمستقبل دون نيكوس ولن يصيبها اذى فهى تستطيع ان تحسن التصرف وبحكمة
انها تحمل فى عروقها دما انكليزيا ورثته عن والدتها سيلهب الطيش اليونانى لديها
نظرت كارا الى نفسها فى المرآة انها يونانية مثل بول تحمل دما انكليزيا ورثته عن والدتها
قال لها نيكوس مرارا ... انت تسبحين كالفقمة وتتسلقين الجبال كالصبيان
كانت تحب مديحه ولكنها لم تفهم الا اليوم ان مديحه لها يختلف عن مديحه لزوجته سيسلى وها هى الان وحيدة مع احزانها بعد كل شئ.
لامست بخفة وحيد القرن الصغير المعلق بأسورتها وكانت هدية من زوجة اخيها دومينى
دومينى اخبرتها ان وحيد القرن سيجلب اليها السعادة
والسعادة تحير
علينا ان نصارع وجع القلب قبل ان يفعل وحيد القرن سحره.
لم تكن كارا تؤمن بالقوى السحرية
واية قوة فى العالم لا تستطيع ان تضمد جراح قلبها او تلملم اشلاء احلامها وحطام قلبها الكبير
كان الهدوء مخيما وقت القيلولة لا شئ غير صوت المراوح تدور فى السقف وازير الحصاد فى الخارج
نزلت كارا السلالم الحديدية وخرجت الى الساحة امام الفندق وجلست فى ارجوحة ظليلة تتأرجح فى الهواء بلطف وهى تحاول ان تنسى
shell منتديات روايتى
كان نزلاء الفندق يتناولون طعام العشاء فى غرفة الطعام الفارغة
وجلست كارا الى طاولة تجول بصرها فى الجالسين
رأت رجلا متوسط العمر شعره قليل يجلس قرب النافذة ابتسم لها
فابتسمت وتساءلت ... هل هو صاحب الاسم لوكان سافدج من خليج التنين ؟
- هل قررت المدام ماذا ستأكل؟
سألها الخادم وقد اعجبه طقمها الابيض المزدان ببعض الرسوم على ياقته.
سألته:
- ما هو لاميي؟
- انه صدفة محارة تحضر على طريقة اهل جزيرة دى لوك مع التوابل والارز هل ترغبين فى تجربتها؟
- نعم كذلك اريد مزيجا من ثمر الافوكاته مع القريدس الطازج ارجو ان لا يكون لحم المحارة يشبه فى طعمه لحم القريدس.
قال الخادم:
- لا يا سيدتى ستجدين محار البحر الكاريبى لذيذا جدا
كان الطعام مطبوخا بتوابل غريبة المذاق اكلت وطلبت القهوة
ونظرت من النافذة الى الاضواء التى تسطع على سطح المياه
المراكب فى المرفأ تهتز بفعل الرياح الخفيفة وظلال اشرعتها تظهر بأشكال متموجة فى مرآة الماء
ثم غابت الشمس واحتل القمر مكانها ... وتسربت الى انفها روائح ذات نكهة مميزة ونافذة وعطر النباتات الاستوائية المثقل بالأحلام
منتديات روايتى
shell
كان ضوء القمر يغرى بالخروج انهت كارا قهوتها وخرجت تفتش عن ناب فى ساحة الفندق
كان ينتظر فى المدخل قرب شجرة نخيل وقفز لتوه حين وصلت
قالت له:
- اريدك ان ترينى فورت فرناند فى ضوء القمر يا ناب
وخرجا سوية الى الشارع يتمشيان ويحاولان ان يتفاهما بالفرنسية كان ناب يتشدق كمن يتثاءب فى لهجته الكاريبية سمعته يذكر كلمة احتفال
وفرحت كثيرا , قالت:
- احب ان اتفرج على الاحتفال يا ناب
- ظننت ذلك
الناس هنا يرقصون ويغنون عندما يحتفلون
ألا يفعلون ذلك عندكم يا آنسة؟
- نعم
نحن اهل اليونان نحب ان نغنى ونرقص فى مناسبات الميلاد او العرس او الولادة
حين ولد لأخى صبى بقى الناس فى قريتنا يرقصون طوال الليل
اشعلوا المفرقعات واناروا البواخر فى المرفأ
شووا الاغنام وحمروها...
تنهدت تنهيدة عميقة وهى تتذكر تلك المناسبة السعيدة والفرح يطل من عينى بول
- شقيقك رجل مهم يا انسة ؟
- نعم هو مهم لاننا نحبه ونحترمه ونفخر بشجاعته الكبيرة
قال ناب:
- مثل السيد سافدج هنا
انه رجل عظيم فى جزيرة دى لوك
يعمل العديد من الناس لحسابه
انه يملك مزارع السكر والكاكاو فى خليج التنين واسطبلا للخيل و ...
- السيد سافدج
لقد رأيت اسمه فى سجل افندق
- السيد لوكان سافدج هو الشقيق الاصغر
انه شيطان يا انسة
يجوب الجزيرة راكبا حصانه القوى وخلفه كلبه الكبير
قلم لوكان بأعمال مخجلة جعلت الناس تتهامس قصصه همسا.
وانخفض صوت ناب الى الوشوشة مما جعل لجملته تأثيرا فعالا:
- ان اسمه سافدج واعماله مماثلة لاسمه
اى شرسة ووحشية ...
نسيت كارا كل شئ عن لوكان حين وصلت الى مكان الاحتفال مع ناب كان فى سهل معشوشب فوق المرفأ حيث تتلألأ الانوار وتسمع الضحكات الرنانة مختلطة بالصخب والضجيج.
وكان هناك حشد من الناس فى مكان فسيح يتفرجون على عراك حيّة ونمس.
تراجعت كارا هربا من هذا المنظر الوحشى واكملت طريقها الى مكان اخر تخرج منه اصوات الموسيقى الراقصة
ورأت ارجوحة كهربائية مقاعدها على شكل حيوانات خشبية
حين توقفت عن الدوران صعدت اليها
كانت صدفة عجيبة ان تختار تنينا لتركبه
وكانت تضحك من كل قلبها والارجوحة تدور بها على انغام الموسيقى
صرخ ناب وهو يتعلق برقبة حصان البحر:
- هل تحبين هذه اللعبة؟
اجابت بفرح عارم:
-نعم لم اشعر بمثل هذه السعادة منذ زمن طويل
ادركت كارا انها محظوظة لاختيارها هذا المكان
منذ توقف اليخت فى فورت فرناند شعرت باغراء كبير للبقاء فى هذه الجزيرة الكاريبية الحالمة.
كان التنين يسرع وهو يدور بها
وكلما اسرعت كلما ارتفعت الاصوات بالصراخ
ونزلت من الارجوحة حين توقفت عن الدوران
شعرت بعطش كبير فاشترت زجاجتين من العصير لها ولناب شربتها بواسطة القشة
وكانت تتفرج على الراقصين فى بقعة اخرى يتمايلون على انغام الطبول القوية الصاخبة التى توحى بطقوس بدائية .
كان بعض الشباب يرقصون رقصة محلية مثيرة ... ينحنون تحت خشبة ترتفع قليلا عن سطح الارض وكلما مروا من تحت الخشبة يخفض ارتفاعها قليلا.
اخذت كارا تمشى على غير هدى وصلت بعد قليل الى خيمة العرافة.
كانت الفتيات تدخلن الخيمة ةتخرجن منها وهن يضحكن مقهقهات
سألها ناب وهو يضحك:
- هل ترغبين فى أن تقرأ لك الماما ماى مستقبلك؟
- انها خرافات
قالت ذلك وتذكرت الغجرية التى تنبأت لها قائلة .... ستسافرين ذات يوم بحرا وستقابلين شابا طويلا جميلا ... لقد سافر نيكوس وحده ولم تسافر معه.
وحين يعود الى الجزيرة اليونانية انديلوس سيجلب معه عروسه الشقراء
تنهدت كارا على ذكرياتها الاليمة
ووصل الى سمعها صوت امواج البحر تلطم الشاطئ.
سألها ناب من جديد:
- وهل تخافين قراءة المستقبل؟
- بالطبع لا.
ابتعدت عن الخيمة وهى تقول:
- حان الوقت لنعود الى الفندق ولم تتم كلماتها حتى انفتح باب الخيمة وظهرت امرأة بدينة تضع على رأسها عصبة مزركشة ومعقوصة على الطريقة الكاريبية يتدلى من اطرافها الخرز الملون.
كانت نظراتها حادة نفاذة وتغطى وجهها تجاعيد كثيرة.
قالت ماما ماى:
- ادخلى يا عزيزتى ودعينى اقرأ طالعك.
- لا أريد.
انا لا أؤمن بهذه الخرافات . لقد قيل لى سابقا اننى سألتقى رجلا غريبا طويلا ....
حدقت ماما ماى بكارا ثم نظرت الى ناب وقالت:
- هل تقيمين فى فندق فيكتوار؟
وضحكت الغجرية ضحكة مجلجلة جعلت القرطين فى اذنيها يهتزان واكملت:
- ستقابلين رجلا غريبا يا عزيزتى الا اذا غادرت جزيرة دى لوك
فى شعره نار
قالت ماما ماى ذلك واغلقت باب الخيمة واختفت فى الداخل
رفعت كارا ذقنها بحنق وقالت:
- الرجل هذه المرة ليس اسمر على غير العادة
ثم التفتت الى ناب وقالت:
- تعال
اطاعها الصبى وتركا الاحتفال مسرعين باتجاه الفندق لم تتكلم مع ناب فى طريق العودة وعندما وصلا الى قاعة الفندق نظر ناب اليها مستفسرا وقال:
هل سترحلين يا انسة عن الجزيرة؟
- بالطبع لا
ونظرت اليه مستغربة وهى تحمل مفتاح غرفتها بيدها
- هل هناك مياه ساخنة الليلة يا ناب؟
أومأ لها ناب برأسه
فضحكت وتركته ليذهب
قال يودعها:
- طاب مساؤك يا انسة
- ليلة سعيدة يا ناب
قالتها باليونانية وصعدت الى غرفتها فى الطابق الثانى كانت تحمل رقم ستة عشر وشعرت بالتعب ولكنها فكرت بأن الماء الساخن سيسهل عليها عملية النوم
كان الممر ساكنا ومعظم الغرف خالية من الزبائن
الحمام فى نهاية الممر وسمعت بوضوع تام صوت الدوش حين فتحت باب غرفتها واشعلت النور.
تمنت ان ينتهى الشخص الذى يستعمل الدوش بسرعة
لبست ثوب الحمام ووقفت تحمل كيسا فيه الصابون والاسفنجة والمنشفة مستعدة لأخذ حمامها.
وسمعت بابا يغلق بقوة فى الممر كأن الذى اغلقه لايهمه ازعاج احلام النزلاء فى الليل.
فتحت كارا بابها وانصتت الى صوت الدوش
لقد صمت
كل شئ صامت وهادئ واطفأت النور فى غرفتها فبقى نور القمر يغمرها وحده
وسارت الى اخر الممر حيث الحمام
كان الشخص الذى استعمل الحمام قبلها ترك اثر رجلين كبيرتين فوق البلاط الاسود الذى يغطى الارضية
انه رجل ولا شك
وفتحت الحنفية لتملأ المغطس القديم بالماء الساخن
رشت بعض املاح الحمام المعطرة برائحة الحور
وتنشقت الرائحة الذكية فجنحت بمخيلتها الى غابات الحور فى انديلوس
انه شجر طويل ذو نكهة خاصة ورائحة نفاذة
وملأت الدموع مآقيها
حتى لو رغبت فى مغادرة جزيرة دى لوك الان فلن تستطيع
لأن يخت شقيقها قد غادر الميناء انها الان سجينة اندفاعها الذى اوصلها الى هذا الشاطئ
ستبقى هذه الليلة والحمام الساخن سيهيئ لها الراحة التى تنشدها لتغط فى نوم عميق
انهت حمامها بعد ساعة وخرجت موردة الخدين ناعسة تتثاءب وهى تمشى الى غرفتها ... وكانت قد نسيت ان تغلق بابها
خلعت عنها ثوب الحمام دون ان تشعل النور.
واتاح لها ضوء القمر ان تصل الى احد السريرين كان الارهاق يتغلغل
فى احاسيسها مثل العنكبوت
وتنهدت قبل ان تستسلم للنوم وهى تكاد تختفى تحت شبكة الناموسية.
كانت سحب من دخان السيكار تنساب من الشرفة ولكن كارا لم تر شيئا
وبعد قليل دخل رجل طويل القامة من الشرفة
دخل مع ضوء القمر ولم تلاحظه كارا
وخلع عنه سترة البيجاما ثم دخل تحت الخيمة الشبكية فى السرير الثانى
هو ايضا لم يلاحظ وجود كارا.
11480 | 813,03/1143 | المكتبة الرئيسية | Available |
11534 | 813,03/1143 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available