كتاب
الروابي الجميلة
رجل متأمل، يحمل ملامح الفيلسوف، يأسرك بحركاته ومشيته وكلامه الذي ينم عن وعي كبير بالحياة وشؤونها، لا تراه إلا مبتسما، يزرع الحب بين الأصدقاء، لا مكان للعداوة والبغضاء في قاموسه النفسي، لا يكترث للصراعات والمشاحنات التافهة التي يحتفي بها هذا الجيل من الكتاب، لا ينحاز إلى جانب إي طرف وكأن الأمر لا يعنيه على الإطلاق، لا يحدثك إلا بعد تفكير عميق، كلماته وجمله مدروسة، يجابه الواقع ومشاكله بالكتابة، إنها أنجع الوسائل وأفضلها لديه، عندما تلتقيه يحدثك عن رواية جديدة قد أتم كتابتها وهو بصدد تصحيحها وإعادة قراءتها، لا يحدثك عن مشاريعه المستقبلية أو الناقصة، فالمزية تكمن فيما أتمه، وأنت تقدم نقدا لأعماله تراه منتبها بشكل جيد يشعرك بضرورة أن تتعمق أكثر فيما أبدعه، رجل مارس السياسة والعمل الجمعوي في مرحلتي السبعينيات والثمانينيات، ورفض العديد من المناصب التي عرضت عليه، إيمانا منه بأن الكتابة ستعوضه عن كل شيء، إنه الروائي الأزهر عطية، هذا الزاهد المتعالي عن الأضواء والشهرة، نذر وقته للكتابة، متفرغ لمعانقة الحرف، قليل الحضور في الملتقيات الوطنية لأنه مؤمن بأن الكاتب الحقيقي يعلن حضوره المستمر بأعماله الجديدة التي تكون محل اهتمام الدارسين، فهو غائب عن عديد الملتقيات بجسده لكنه حاضر فيها كنص، وكإسم أيضا، لا يكلف نفسه وعثاء السفر لأن نصوصه الجيدة تتكفل بكل ذلك، فهي قادرة على تجاوز حدودها المحلية والإقليمية إلى تخوم أبعد من ذلك، دون جواز سفر، دون أوراق، وجوازها سفرها الوحيد هو قيمتها الفنية والمعرفية.
10768 | 813,03/1052 | المكتبة الرئيسية | Available |
8864 | 813,03/1052 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available