كتاب
الجبانة
رواية من منشورات دار الحوار سورية، اللاذقية، 1982، وترجمها عن اللغة المجرية نافع معلا مباشرة، مما يجعل النص قريب منا حيث وصلنا من اللغة الأم دون وسيط، تتحدث الرواية عن حالة البطر والفراغ التي يعيشها المجتمع الغربي البرجوازي، فالزوجة رغم إنه لا ينقصها أي شيء، وتم توفير كل احتياجاتها الأساسية والثانوية، المادية الروحية، إضافة إلى الحرية المطلقة التي يمنحها الزوج لها، ورغم الغنى الفاحش الذي تعيشه، حتى إن الزوج "بنتسه" يقوم بنحت تمثال لها، تعبيرا عن حالة الرفاهية التي يعيشها، وأيضا تعبيرا عن حبه وتقديره لزوجته "إيفا" التي ليس لها مثيل بين النساء، إلا أنها تعاني من حالة فراغ، فتذهب برحلة عبث مع شاب كان زميل دراسة في السابق، تتخذه عشيق، على مرأى وعلم الزوج الذي كان واثقا بأنها مهما ابتعدت عنه ستعود، فهي لن تستطع التخلي عن الرفاهية التي تعودت عليها، إلا أنها تقرر أن تكون "ما إن أنهض من سرير حتى يلتقطني سير آخر" ص90، وهكذا يتم تحطيم قيود الغنى الفاحش الذي عاشته مع "بنتسه".
الرواية تتحدث عن الفراغ والعبث الذي يعيشه المجتمع البرجوازي، حياة بطر بكل شيء، وهذا ما جعل من علاقة الزواج بلا رابط الحب، مجرد فراغ، تسلية، وتخضع لمبدأ المصالح والحسابات، الزوجة "إيفا" الراوي الرئيسي للأحداث تتحدث عن علاقتها محرمة : "لقد خنت زوجي أكثر من مرة، ولكن كنت في حيطة دائما، ومع أحد لا يعني بالنسبة لي أي شيء" ص18، فهي امرأة متحررة من كل شيء، تقوم بالخيانة لمجرد التسلية ودون أي رادع أو تأنيب ضمير، ورغم أنها في هذه الكلام تعترف بكتمان الخيانة وعدم الإفصاح عنها، إلا أنها تتوغل أكثر وتقوم بمصارحة "بنتسه" بأنها على علاقة مع الشاب "بيشتا".
وجود التمثال كان عامل مؤثر في أحداث الرواية، وكان له حضور في تطور ردود فعل الشخصيات، فالسبب الرئيسي الذي عمل على إظهار رتابة العلاقة الزوجية هو التمثال، من هنا كنت مشاعر الزوجة "إيفا" عليه بهذا الشكل "ورنوت من جديد إلى التمثال، لقد أغاظني التمثال، ... كل مسببات المشاكل تجمعت في هذا التمثال، كل شيء رديء هو : التمثال، ... اقتربت منه وبصقت عليه، رغبت أن اصفعه" ص75، هذا المشاعر سيتم تطويرها إلى فعال، وأعمال متطرفة من قبل الزوجة "إيفا"، فهي التي تتمتع بأكبر قدر من الحرية لا بد لها من استخدامها بهذا الشكل، "كيف تجرؤ على عمل تمثال لي؟ بقرة رخوة، ثم تدعو الجميع للإعلان عن ذلك، ألا تخاف من اخلع ملابسي لهم جميعا، كي اثبت أني لست كالتمثال، أنا، تلك التي على فمك، ألست زوجتك، بل عاهرتك منذ عشر سنين" بهذا الثورة تواجه الزوجة "إيفا" زوجها "بنتسه" فيقوم بتحطيم التمثال إرضاء لها، لكنها تكون قد وصلت إلى درجة من القناعة بعبثية الحياة التي تعيشها معه، فتقرر أن تتركه وتعيش مع عشيقها الشاب "بيشتا"، حتى وهي تعلم بان تلك الحياة لن تستمر طويل، فهي ستستكفي ببضع أيام أو شهور من السعادة معه، وبعدها يخلق الله ما لا تعلمون.
اعتقد بان الرواية فيها إثارة موضحة لنا طريقة التعامل والتفكير في المجتمع البرجوازي، كما أن وجود التمثال كلن يقرب النص من أسطورة "يجاملون" وهذا ما جعل الرواية تأخذ شيئا من البعد الرمزي، كما أن بناء الرواية كان متقنا تماما، وأحداثها مركبة ومتسلسلة بطريقة يستشف منها المتلقي قدرة الكاتب على ربط وتطوير الأحداث بطريقة سلسة، وعندما جعل الكاتب من بطلة الرواية هي الراوي الرئيس للأحداث، جعلنا نتقبل جراءتها وحريتها العبثية، رغم عدم توافقنا مع هذا السلوك المتطرف.
رائد الحواري
8908 | 813,03/1025 | المكتبة الرئيسية | Available |
8852 | 813,03/1025 | المكتبة الرئيسية | Available |
8907 | 813,03/1025 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available