كتاب
الحبق والصبار
قراءة في مجموعة "الحبق.. والصبار" للقاصة صليحة كرناني
كم جميل أن تتاح لك في كل حين أن تجد جديدا في عالم الإبداع، كم رائع أن تصل يدي لإصدار لم تقرأ حروفه بعد، كم ممتع أن يكتحل البصر بتجربة جديدة، لم يسبق لك الإطلاع عليهاـ لتعبر في رحلة إكتشاف النص وكاتبه، وانا أبحث في رفوف المكتبة عثرت على مجموعة القاصة "صليحة كرناني" الموسومة " الحبق.. والصبار" شدني العنوان بما يحمله من تناقض بين الوجهين، بين نعومه الحبق وسلمه، وبيت الصبار وأشواكه، بين أوجه الخير العديدة، وشر لا ندري له وجها... الحبق والصبار باب ولجت منه إلى هذه المجموعة القصصية، وهو العنوان الذي اختارته من بين النصوص التي أثثت هذا المولود الإبداعي لتمنحه شرف تصدر الغلاف.
القاصة صليحة كرناني، ورغم عدم معرفتي الشخصية بها، لكن إسمها يسبقها كصوت فاعل في الساحة الأدبية الجزائرية، لها حضورها وكلمتها خاصة في مدينة عنابة...تقدم لنا نفسها من خلال باقة الحروف التي رصعت مجموعتها القصصية "الحبق.. والصبار" الصادرة عن مؤسسة الطباعة الشعبية للجيش سنة 2007 في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، تحمل بين دفتيها ثلاث عشر نصا سرديا، من بينها نص الحبق.. والصبار الذي توشحت المجموعة عنوانه، لغة القاصة جديدة كليا على تجربتي القرائية، تتراوح بين الغموض الموحش الذي يبعدك عن طقس القراءة، وبين الإفصاح الخجول الذي لا يفكك النص ومقاصده تماما. العناوين وبإعتبارها بوابة النص الأولى تشكلت لدى القاصة في صور وأشكال عديدة، بعضها جاء في كلمة واحدة – القرار، الشرخ –
وبعضها جاء في ثنائية وهي الغالبة على المجموعة – الحبق.. والصبار، إمراة الماضي...،الحروف المهاجرة، بقايا الذاكرة...، نوايا طيبة،...وردة الرمال،...أمر بالإخلاء، الرسالة الأخيرة، ليلة غجرية...-
البعض جاء في صور ثلاثية - ...وجه خلف الجدار، من سرق أحلامي ؟...
بالإجمال أغلب العناوين تحمل نقاط إسترسال وهي دلالة عميقة على وعي الكاتبة، وحرصها على تحميل العتبات النصية ـكثر مما تحمل عادة، وهي إشارة إلى ذكاء وفطنة المبدعة صليحة كرناني، هذا بالإضافة لوجود صيغة السؤال كما في قصة "من سرق أحلامي" والتي أراها من جانبي ميزة جمالية تزيد في توهج النص السردي. النصوص السردية التي تضمنتها المجموعة كلها تحمل صراعا خفيا يدور بين الذات، وعوامل الحياة الكثيرة، والشخوص المحيطة بالشخصية المحورية، وتحمل بداخلها توترا يتصاعد حينا، ليهدأ أحايين أخرى، تتفاعل معه الساردة بنوع من الذكاء الاجتماعي، إضافه إلى تقصدها إختيار لغة مبطنة، عصية عن القراءة الأولى، لغة يكتنفها غموض وترميز يهرب المعاني، فيضطر القاريء إلى الدخول في لعبة الشد والجذبـ حتى يفكك ما استعصى فهمه، القاصة صليحة كرناني وهي تقودنا في دروب قصصها، تسعى لإثارة الكثير من الإشكاليات التي يعيشها المجتمع في تحولاته المتسارعة، تبحث بعين فاحصة عن الطريقة المثلى كي تصل بالقاريء إلى مواطن الوهن، ونقاط الضعف التي يعانيها الشارع، الإدارة، البيت، والعلاقات الإنسانية إجمالا...تبحث في صبر عن المظاهر السلبية التي تنخر معاملاتنا، وتواصلنا، القاصة
ورغم الإيغال في الترميز، والغوص في غموض الفكرة ، تحاول جر القاريء إلى إعادة القراءة أكثر من مرة، حتى يصل إلى مفاصل النص وفهمه على وجهه الصحيح.
في الأخير انا أسجل هنا إعجابي بهذه المجموعة التي تسربت لغتها بيسر وسلاسة كي تقود الروح إلى متعة الإندهاش، والإرتطام الجميل...هذه دعوة مني لتهجي الحبق في غفلة من الصبار وشوكه.
9519 | 813,01/846 | المكتبة الرئيسية | Available |
9322 | 813,01/846 | المكتبة الرئيسية | Available |
9308 | 813,01/846 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available