كتاب
غريد القصب
الأماكن لا تسعه.. المتاحف والمسارح.. وهذه الحرية المتاحة... الحضارة .. الموسيقى.. التشكيل.. ينظر إليها بعينين تهومان بضباب شفيف.. هذه المدينة الأوربية.. ووجوه الصبايا ..لا تعرفه ولا يعرفها رغم انه قد تخرج توا من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وطالما حلم أن يزور هذه البقاع كسائح ولكن هاهو اليوم يهيم في شوارعها لاجئا مغضوبا عليه من سلطات بلده لذنب لا يعرفه!
الغربة والبرد يلتقيان..
ما يملكه من مال يكاد أن ينفذ(لقد ضيعت نفسي..).. أيعود من حيث أتى حيث الأسئلة الصعبة..؟ أيعود إلى مرابع الصبا الملطخة بالامتهان والخديعة؟ أم يظل غريبا مضيعا لا يعرف أحدا ولا يعرفه احد؟.. لقد احترقت زوارق طارق لكنه اليوم لم يحرقها بإرادته بل أحرقت له..لقد نأت المسافات وخرج الأمر من يديه..وحوريات مدريد لا يعرفن أي قلب يحمل هذا الفتى المضيع في الدروب...
أطلق ساقيه تجوب الشوارع والشوارع تخبره لا أعرفك....
حين كان الأمس ملك يمينه
- يدفع زورقا صغيرا وسط أحراش الهور ويخترق مزهوا أعواد القصب التي تعترض زورقه برقة أليفة.. يترنم بأغنية ريفية حزينة. يتأمل حركة الماء لعل سمكة كبيرة تلوذ بساق قصبة ليتلقفها بفالته التي لا تخطيء هدفها..وحين يقفل راجعا يلفت انتباهه طائر صغير يرفرف بجناحيه على قصبة تميل بها الرياح ويكاد الماء أن يتلقفه ويأخذه بتياره...أشفق على الطائر الصغير الذي يسمونه غريد القصب واحتال عليه واصطاده.........
حين أخذه إلى الدار قدم له الطعام والدفء والأمان..إلا أن المفاجأة التي لم تخطر على باله أن طائر القصب امتنع عن الطعام والشراب وبان الحزن عليه .. فاسقط في يد طارق وحزم أمره أن يعيده في الصباح الباكر للهور..
حين أطلقه حلق بعيدا وحط على ساق قصبة راقصة وسمعه يزقزق... يا وطني.. يا وطني... عندها فهم ما لا يفهم..........
736 | 813/789 | المكتبة الرئيسية | Available |
733 | 813/789 | المكتبة الرئيسية | Available |
734 | 813/789 | المكتبة الرئيسية | Available |
735 | 813/789 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available