كتاب
العقد الفريد م3
ابن عبد ربه صاحب كتاب " العقد الفريد" شاعر وكاتب وناقد ، وقد أثنى على شعره معظم دارسيه ، ضاع ديوانه لكن عقده مليء بشعره ، ومعظمه كشعر الأندلسيين يغلب عليه التنميق والتكلف مع قلة من صدق الأحاسيس وجودة الخيال .
ولد أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه في قرطبة في العاشر من شهر رمضان سنة /246/ للهجرة الموافق للتاسع والعشرين من تشرين الثاني سنة / 860/ ميلادية وقد نشأ في قرطبة التي كانت في ذلك العصر من أعظم مدن الأندلس شبيهة ببغداد وكان فيها رصافة كرصافة بغداد على حد تعبير ياقوت الحموي وكانت فخمة في عمرانها ... كما كانت عاصمة الأمراء الأندلسيين من بني أمية منذ زمن عبد الرحمن الداخل في منتصف القرن الثاني الهجري إلى زمن عبد الرحمن الناصر الذي عاصره ابن عبد ربه وإلى ما بعد زمن الناصر .. وكان فيها من ضروب اللهو والغناء ما يناسب هذه المدينة .. وكما هو معروف أن الغناء كان شائعاً عند العرب الأندلسيين هؤلاء ولاسيما في قرطبة حيث كانت الجواري المغنيات يأتين من مختلف الأقطار العربية ، من زمن زرياب إلى زمن ابن عبد ربه الذي كان من المولعين بسماعه .. ويورد الفتح بن خاقان أن الغناء الذي سمعه ابن عبد ربه وهو مارّ تحت شرفة قصره في قرطبة ألهب قلبه وخياله ، وسرعان ما تناول رقعة كتب عليها إلى صاحب القصر يسأله الإذن في سماع المغنية :
يامن يضنّ بصوت الطائر الغرد ما كنت أحسب هذا البخل في أحد
لو أن أسماع أهل الأرض قاطبة أصغت إلى الصوت لم ينقص ولم يزد
فلا تضن ّ على سمعي تقلده صوتاً يجول مجال الروح في الجسد
أما النبيذ فإني لست أشربه ولست آتيك إلا كسرتي بيدي
وتقول كتب الأدب أن هذه المغنية اسمها مصابيح وقد كانت جارية عند الكاتب ابن حفص عمر بن قلهيل وقد أخذت الغناء عن زرياب.
ويقول ابن عبد ربه في عقده الفريد : " وبعد ، فهل خلق الله شيئاً أوقع بالقلوب وأشد اختلاساً للعقول من الصوت الحسن إذا جاء من وجه حسن ".
وقد كان ابن عبد ربه أديباً وشاعراً وما كتبه في عقده الفريد يبين هذا الأمر ، وكانت ثقافته الأديبة ثقافة شرقية ، فقد عني بدرس أخبار المشارقة وأشعارهم وآدابهم وتصانيفهم حتى إن عقده يكاد يقتصر على أخبار المشرق باستثناء فصل صغير عن ملوك الأندلس ومن يبحث في المصادر التي اعتمد عليها ابن عبد ربه في عقده يرَ أنه استند في أكثر مادته إلى علماء الشرق ، إذ نقل عن الأصمعي والمبرد والشيباني والمدائني والعتبي وأبي عبيدة وابن المقفع وابن سلام الجمحي والجاحظ وابن الكلبي وابن قتيبة .
ويعد كتاب العقد الفريد من أقدم ما وصل من كتب الأخبار والنوادر والأشعار لم يسبقه إلى هذا الباب إلا ثلاثة هم الجاحظ صاحب البيان والتبيين وابن قتيبة صاحب عيون الأخبار والمبرد صاحب الكامل والحقيقة أن هذا الكتاب عبارة عن موسوعة أدبية عامة فقد احتوى بين دفتيه مجموعة من المعارف العامة في الأدب والتاريخ والسياسة والاجتماع التي تتشكل منها عناصر الثقافة العربية في زمن مؤلفه .
وقد وفق ابن عبد ربه فيما جمع لكتابه من فنون الأخبار والأشعار وقد كان الكتاب المعتمد لكثير من الأدباء والدارسين الذين يبحثون ويمحصون من أجل الحصول على المعلومة المفيدة .
وتكمن قيمة العقد الفريد في روحه الأدبية ، وابن عبد ربه كان يهدف إلى هذا الأمر ، ومن خلال كلامه في المقدمة يبين أنه عمل ليحتوي كتابه مجموعة من متخير جواهر الأدب ومحصول جوامع البيان وهو لا يهتم بالأسانيد لأن أخباره فيما يقول هي أخبار ممتعة وحكم ونوادر لا ينفعها الإسناد باتصاله ولا يضرها ما حذف منها .
ومن يقرأ العقد الفريد يجد مالا يقل عن عشرة آلاف بيت من الشعر لأكثر من مائتي شاعر من الأعصر التالية الجاهلي ،الأموي، العباسي .
وفي العقد أيضاً قصص وحكايات ونوادر جمعها ابن عبد ربه من مصادر شتى .
كذلك للعقد قيمه أدبية من حيث النقد الأدبي ، فهو يتضمن فصولاً في النقد نقل ابن عبد ربه بعضها عن الشيباني وغيره من الأدباء الأوائل المتقدمين .
وفي العقد كتاب هو الجوهرة في الأمثال ، في الجزء الأول فيه مجموعة لأمثال العرب رتبت وبوبت حسب أقسامها الرئيسية ففي بداية الكتاب أمثال النبي "ص" يليها أمثال رواها العلماء ثم أمثال أكثم بن صيفي وبزر جمهر الفارسي ثم أمثال العرب عموماً كما يشتمل العقد على نوادر و أخبار عن الرواة الذين أخذ المؤلف عنهم كثيراً من أخبار العرب وشعرائهم .
وإضافة إلى قيمة العقد الفريد الأدبية نجد أن له قيمة تاريخية واجتماعية يتميز بها فهو مصدر أساسي يرجع إليه الدارسون لتاريخ العرب السياسي والاجتماعي وقد امتاز عن كثير من الكتب القديمة بتبويبه وحسن ترتيبه واختياره .
من يقرأ العقد الفريد يستمتع بما فيه ويشعر بقيمته ويقرّ بفضل صاحبه الذي بذل جهوداً كبيرة وصولاً إلى تأليف هذا المصنف الكبير الذي يعد من أمّات الكتب التراثية وربما استحق بما احتواه من كنوز ثمينة ولآلئ مشعة وأخبار تبين مدى ثقافة ابن عبد ربه الذي جمع الكثير من أخبار الشرق .
5322 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
778 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
777 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
779 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
5319 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
5321 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
780 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
5320 | 810,8/127 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available