كتاب
سلفادور دالي
أصدرت دار «منشورات الجمل» كتاب «كونروي مادوكس»، الذي ترجمه الشاعر العراقي الراحل «جان دمو» إلى العربية، وعنوانه «سلفادور دالي»، ويوضح الكتاب أن دالي هو أول من استغل بإصرار كشوفات فرويد والتحليل النفسي، وأصر بتعمد على حقوق الإنسان لجنونه الشخصي، وتطويره للمقترب (الباراناوي - النقدي) الذي جاء ليؤثر بإفراط في كل مظاهر الفكر، وكان واحداً من أكثر المساهمات الثورية للسريالية، وحجر الزاوية، الذي أعطى عمل دالي شخصيته الفريدة، وطغى على ارتقائه كفنان.
يشير الكتاب إلى أنه «منذ عام 1920 كان أندريه بريتون الذي سيلعب دوراً بالغ الأهمية في الحركة السريالية، قد ملأ الساحة الفنية بمصطلحات من قبيل «ولاء للحماقة، للأحلام، للمشوش، للغلو، بكلمة لكل ما هو مناقض للمظهر العام للواقع»، واستمر عدة أعوام قبل أن يقيض لدالي أن يقوم بمساهمته التصويرية والنقدية، إنه لضروري، لذلك، أن نتتبع تطوره، والمؤثرات التي سيكون لها تأثير حاسم، فيما سيطلق عليه بعد ذلك «اللاعقلانية الواقعية».
عندما التحق دالي بالمدرسة الفنية، قام بتجديد هواه لأساتذة عصر النهضة العظام، وأخذ يستكشف أسرار طريقة توزيع الضوء والظل في الصورة، وأخذت المطالعة والقراءة تستحوذ عليه، وكانت الفلسفة موضوعاً مفضلاً لديه، وغداً «هكذا تكلم زرادشت» لنيتشه و«المعجم الفلسفي» لفولتير كتابيه الأثيرين، أما كانط فكان مصدر ابتهاجه الرئيسي، فكان يقرأه ويعيد قراءته دون أن يفهم كلمة: «كتاب مهم جداً ولا مجد» وبدأ يتصفح سبينوزا، وبعد ذلك ديكارت، الذي سيبني عليه العديد من أبحاثه المستقبلية، وكانت لوحاته قد بدأت تسترعي الانتباه.
عمل دالي موديلا لشهور، وكان يقضي أيام الآحاد في رسم اسكتشات تكعيبية، كان محبطاً من الأكاديمية، وفي ذلك الوقت اكتشف فرويد، كان كتاب «تفسير الأحلام» ذا أهمية بالغة في حياته، فكان أشد الأفعال عرضية، يخضع لتحليل ذاتي معذب، وكان عليه أن يكابد عذابات أليمة، وهو يحاول أن يقرر ما إذا كان مجنوناً، واكتشف أن أحلامه كانت مرتبطة دائماً بحادث فعلي.
لم تمر التطورات الفنية والأدبية في أوروبا، خاصة الدادائية، بسخريتها من جميع القيم المقبولة، والانفجارات المثيرة للاستعراضية، لم تمر دون ملاحظة من الأكاديمية، كان لويس بونويل ولوركا وغيرهما، الأرواح المحركة لهذه العصبة الصغيرة الجامحة، التي سرعان ما احتل دالي مكانة مهمة فيها، لقد أثنوا على لوحاته التكعيبية، واستمعوا بانتباه إلى أفكاره المتطرفة.
صار دالي أحد رواد المقاهي، مشتركاً في كل المناقشات الصاخبة، حول الأدب والفن، وسبب تمرده تأييداً لأحد الأساتذة، لإيقافه المؤقت من الأكاديمية مدة سنة، وتم بعد فترة قصيرة اعتقاله من قبل الحرس الوطني، وقضى شهراً في السجن، وإبان ذلك الوقت حدث هياج ثوري عظيم، وسرعان ما أصبح دالي بحديثه المتهور عن الملكية والفوضى مشبوها.
ماهر دالي السرياليين إيمانهم بتطبيق الصيرورة الآلية على الرسم، بتسجيل الصور اللاإرادية التي توحي بها الأحلام، وكذلك كان يرى أنه كي تحقق اللغة المجازية إمكاناتها كاملة، فلا بد من تطورها بطريقة واعية تماما، ولم يكن ذلك يعني أنه يكبح سيرورة تداعي الأفكار الحر، الذي بواسطته توحي صورة بصورة أخرى.
يؤكد الكتاب أنه بغض النظر عن آراء بعضنا في سلفادور دالي، فلا يمكن نكران أن له مكانة خاصة به في تاريخ الفن الحديث، فشهرته كانت أمرا مثيرا للجدل، فالصحافة، لعنته لإفراطاته: «عصابي» «أنوي» «مجنون» وهي كلمات ليست نادرة الاستعمال عند الإشارة إليه، ومع مرور السنين يمكن القول إن السريالية في ذهن الجمهور هي ببساطة دالي.
954 | 740,92/83 | المكتبة الرئيسية | Available |
953 | 740,92/83 | المكتبة الرئيسية | Available |
956 | 740,92/83 | المكتبة الرئيسية | Available |
955 | 740,92/83 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available