كتاب
موسوعة الإدارة العربية الاسلامية م3
ين يدي هذه الموسوعة كانت الإدارة – وما زالت – علماً من العلوم الأساسية التي تقوم عليها، وتنهض بها، الدول والمجتمعات. ويتصور بعضهم أن (الإدارة) علم جديد أفرزته التطورات الحضارية في القرون الأخيرة، مع أن الحياة في صورتها البسيطة أو في صورتها المركبة لا تستقيم إلا بالإدارة، ودائماً كان مقياس نجاح الأمم يعود – بقدر كبير منه – إلى الإدارة. لكن الاختلاط بين المصطلحات خلال التطور الحضاري يجعل كثيراً من الناس يعجزون عن متابعة فعالية (المصطلح) ووجوده؛ ليس لأن المصطلح غير موجود وغير فاعل، بل لأنهم يبحثون عن (اسم المصطلح) ولا يبحثون عن (مضمونه)، ولو أنهم بحثوا عن المضمون لوجدوه مبثوثاً ومنتشراً وفاعلاً عبر كل الحضارات، وبالتالي سوف يقتنعون بأصالته وضرورته للحياة الإنسانية، وللتقدم الحضاري. إن مصطلح (الإدارة) هو نفسه المضمون الحقيقي لمصطلح مثل (تدبير الممالك) وهو المضمون لمصطلح (سياسة الملك)، وهو أيضاً بدرجة كبيرة (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) – حسب تعبير الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ...!! وفي حياة كل الأنبياء، كما في حياة بناة كل الدول وصانعي الحضارات توجد المضامين الإدارية، بصورها المختلفة، فلا توجد جماعة ولا دولة ولا حضارة بدون إدارة، وقد جعل الله سبحانه وتعالى القوة قبل الأمانة تأكيداً على أهمية الإنجاز بأفضل الطرق وبأسرع الأوقات، فالقوة لا تعني القوة العضلية بقدر ما تعني القوة العملية والإنجازية، قال تعالى : "إن خير من استأجرت القويّ الأمين" (القصص / 26). وعندما ورثت الحضارة الإسلامية الحضارات الإنسانية لم تهدم كثيراً من النظم والتراتيب الإدارية وسياسات الممالك، وإنما كيَّفَتْها تكييفاً يتفق مع مبادئها الإسلامية، ويتفق مع طبيعة العصر، ويستجيب لتحدّياته. ومن هنا نضج الفكر الإداري في عصور الإسلام وفي دُوَلِه التي امتدت من طنجة في أقصى المغرب إلى جاكرتا في جنوب شرق آسيا، وامتدت إلى الصين وفرنسا (بلاد الغال) وأعماق القارة الهندية، وارثة أكبر حضارتين ومتعاملة مع معظم البيئات في العالم. وقد أثرى هذا الفكر الإداري الحضارة الإسلامية المتفاعلة لا المتصادمة والسمحة الكريمة لا المغلقة الرافضة .. واستطاعت الحضارة الإسلامية أن تعتمد على الإدارة في تثبيت دعائمها في انتشار نموذجها الحضاري، وفي تقوية مؤسساتها التربوية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية !! وقد تطورت تطوراً كبيراً أنظمة الحكم في الأقاليم، كما أصبح القضاء صفحةً مشرفة من صفحات الإدارة الإسلامية، وكذلك كان الجيش الإسلامي والشرطة والمنظمات المهنية والحسبة والمواصلات والاتصالات والمصارف وغيرها من الإدارات. ولهذا الثراء شعرت (المنظمة العربية للتنمية الإدارية) بواجبها في جمع هذا التراث الإداري وسبر أغواره وتحليله تحليلاً علمياً عصرياً يربط الحاضر بالماضي، ويجعل انطلاقتنا قائمةً على فقهٍ بصير بتراثنا؛ لأن التقدم الحضاري لا يبدأ من الفراغ، ولا يستطيع أن يتعامل مع التجارب الحضارية المعاصرة له، دون أن يقف على أرضية صلبة تستوعب تراثه وتستلهم رصيده، وتدور في فلك ثوابته ونظرته للكون والحياة والإنسان، ولاسيما وأن حضارة الإسلام ذات طبيعة خاصة، فهي حضارة انطلقت من (خاتم الأديان) تمزج بين الربانية والإنسانية، وتؤمن بأن الوسائل لابد أن تكون طيبةً منسجمة مع الغابات الطبية. ونحن نشعر بوجوب الاعتراف بتوفيق الله، توفيقاً يستوجب حمده ونحن نقدم هذه الموسوعة الإدارية التي حاولت استيعاب التراث الإداري في الحضارة العربية الإسلامية وفاءً للماضي، خدمة للحاضر، واستشرافاً للمستقبل.. إنها (موسوعة الشيخ حمدان بن راشد للإدارة العربية الإسلامية) ... وَلَعَلَّ اسم الموسوعة يدل على أن هذا الرجل الكريم الذي وَجَّه ماله للخير انطلاقاً من سيرة أسلافنا العظماء الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله هو الذي وقف معنا، وقدم العون السخي في سبيل إنجاز هذه الموسوعة، فله مني شخصياً ومن المنظمة العربية للتنمية الإدارية كلها – خالص الشكر والتقدير !! إن شكره يأتي بعد شكرنا لله سبحانه وتعالى الذي وَفَّقَهُ ووفَّقَنَا إلى هذا الخير، ولولاه سبحانه ما اهتدينا ولا تَصدقنا ولاَ صلَّينا. والشكر - كذلك – للمنسقين، والخبراء، والمراجعين العلميين، والإداريين في المنظمة العربية للتنمية الإدارية... لقد عمل الجميع بروح (الفريق الواحد) مؤمنين برسالة المنظمة، ساعين إلى خدمة الأمة، ووصل ماضيها بحاضرها ومستقبلها، جمعاً بين الثوابت الحضارية التي تمثل هويتنا الخاصة، وبين الإبداعات عند الآخرين .. تلك التي أمرنا ديننا الحنيف بأن نبحث عنها ونلتقطها، لأن الحكمة ضالة المؤمن، ولأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، من المهد إلى اللحد. ولسوف يبقى ما بذله الشيخ حمدان بن راشد – صدقة جارية له، تنفعه – بإذن الله – في الدنيا والآخرة ..
مقدمة دار النشر
مقدمة أهمية الموسوعة: لم تدرس الإدارة العربية الإسلامية بصورة شاملة، وهناك جوانب منها لم تبحث حتى الآن، كما أن كثيراً مما درس منها لم يتوافق مع مناهج البحث العلمي الرصين، من هنا جاءت الحاجة لسد الفراغ في المكتبة العربية الإسلامية، بحيث يتاح للقارئ العربي المهتم بالاطلاع على التراث العربي الإسلامي في مجال الإدارة وما يتصل بها من إدارة الحكم والسياسة والمال. ارتأت المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن تضع بين يدي المهتمين بالإدارة الحديثة والتراث العربي الإسلامي موسوعة علمية متكاملة في الإدارة العربية الإسلامية. تدرك المنظمة العربية للتنمية الإدارية مدى افتقار المكتبة العربية إلى وجود نموذج للإدارة العربية الإسلامية، يمكن من خلاله بناء نظام إداري معاصر يسهم في دفع عجلة التنمية الإدارية من منطلق أصالة التراث العربي الإسلامي فكراً وممارسةً، فالأمم لا يمكن أن ترتقي في معارج الحاضرة دون فهم كامل لجذورها الماضية وفهم حقيقي لامكاناتها الحالية التي تساعدها على بناء مستقبل أكثر إزدهاراً. تنبع اهمية الموسوعة من تناولها للتطور التاريخي للإدارة العربية الإسلامية وواقعها في الفترات ما بين القرن الأول (الهجري) / السابع الميلادي، والقرن الثال عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) بحيث تتناول الفكر الإداري العربي الإسلامي من حيث منشأته وتطوره وتنوعه، مع عدم إغفال الاستفادة من الأداء والدراسات الحديثة في الإدارة لتوفر المجال لدراسات مقارنة بين مفاهيم الإدارة العربية الإسلامية والمفاهيم الحديثة. تؤمن المنظمة العربية للتنمية الإدارية بأن بناء مجتمع حديث يتطلب الالتفات إلى جانبين أساسيين هما القيم الأصلية والمفاهيم والخبرة المتمثلة بالتراث الحي من جهة والأفكار والنظم الحديثة من جهة أخرى، كما تدرك أن الفكر الإداري العربي الإسلامي يمكن أن يكون مصدراً أساسياً يوضح مفاهيم ونظريات في الإدارة تستوعب واقع المجتمع العربي والإسلامي، وتستشرف آماله، آملين أن يكون هكذا، سبيلاً لإغناء الفكر العالمي . ومن كل هذا ترجو المنظمة العربية للتنمية الإدارية بعد أن تحول حلمها الذي بدأ في السبعينيات إلى واقع عملي ملموس بخروج هذه الموسوعة إلى حيز الوجود، أن تسهم في إبراز الدور العربي الإسلامي في الفكر الإداري، وأن توفر المجال للتفاعل مع الفكر الإداري المعاصر وإثراءه. أهداف الموسوعة : إن هذه الموسوعة موجهة إلى المتخصصين من ممارسين وباحثين وخبراء في مجال الإدارة العامة وإدارة الأعمال والسياسة والاقتصاد والموضوعات ذات الصلة، وتهدف في مجملها لتحقق ما يلي: • التعريف بطبيعة الإدارة العربية الإسلامية ومكوناتها وقيمتها وإسهاماتها. • توفير مصدر أساسي علمي لوضع مفاهيم أو نظريات في الإدارة تستوعب واقع المجتمع العربي والإسلامي، وتسهم في إغناء الفكر العالمي وبمبادئ ونماذج إدارية جديدة. • إثراء الفكر الإداري العربي الإسلامي بمفاهيم ومبادئ وممارسات يتمشى مع الإطار العام لمنطلقات التنمية الإدارية في الوطن العربي في القرن الواحد والعشرين. • تمثل الموسوعة إضافة هامة إلى الدراسات المتعلقة بالحضارة العربية الإسلامية. طبيعة الموسوعة : بعد إستعراض نماذج متعددة من الموسوعات العالمية والعربية، استقر الرأي على اعتماد نموذج خاص من خلال تطوير نمط الموسوعة البريطانية حيث يوفر النموذج إمكانية كتابتها بأسلوب بحثي يمكن من تحقيق أهداف الموسوعة ومراميها. وتعميقاً للفائدة حرصت المنظمة على وضع هذه الموسوعة على موقع المنظمة على الانترنت. محتويات الموسوعة: تتكون الموسوعة من أربعة عشر محوراً (موضوعاً رئيسياً) تغطي كافة الموضوعات ذات الصلة بالعلوم الإدارية وأهداف الموسوعة، وقد تم إخراجها في سبعة مجلدات يحتوي كل مجلد على محورين (موضوعين رئيسيين)، روعي مدى الانسجام والعلاقة التي تربطهما معاً قدر الإمكان، وفيما يلي وصف لمحتوياتها. رقم المجلد الموضوعات الرئيسية (المحاور) الأول نظام الحكم العربي الإسلامي، إدارة القضاء العربي الإسلامي الثاني الإدارة العامة العربية الإسلامية، الإدارة المحلية العربية الإسلامية الثالث الإدارة العسكرية العربية الإسلامية، الإدارة الشرطية العربية الإسلامية الرابع الإدارة التربوية العربية الإسلامية، إدارة العلاقات العامة العربية الإسلامية الخامس إدارة الاقتصاد العربي الإسلامي، الإدارة المالية العامة العربية الإسلامية السادس إدارة المصارف العربية الإسلامية، إدارة النقود العربية الإسلامية السابع إدارة التنظيمات المهنية والحرفية العربية الإسلامية، إدارة الاتصالات والمواصلات العربية الإسلامية فريق العمل: لقد قام بإعداد وتنظيم الموسوعة فريق متخصص من الخبراء العرب من معظم الأقطار العربية بلغ عددهم (34) خبيراً، وقد روعي في مشاركتهم بهذا العمل الهام التخصص والاسهامات العلمية في ميدان الإدارة العربية الإسلامية
8450 | 650,03/145 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available