كتاب
خصائص الإيقاع في الموشحات العربية
الكتاب من تقديم محمد الهادي الطرابلسي.
عندما يقرأ القارئ عمل الباحث عبد الحميد بن زيد يتحصّل له من قراءته أنّه بإزاء بحث أكاديمي رصين اختار فيه صاحبه من المسائل أعسرها "خصائص الإيقاع في الموشَّحات العربية". وعُسر المسألة مُتأتٍّ من تناول الإيقاع قضية معقّدة لا حدّ لها واحداً ولا وجه لها نهائياً. فعلى الوزن يجري الايقاع، ومن توازٍ في التركيب يقدّ، ومن تكرار الصوت أو المفردة يكون، ومن الأغاني الشعبية الأندلسية يُصاغ. تلك نواحٍ شتّى يأتي منها الإيقاع ويلتبس بالذات وبالالتباس يكون المعنى وتكون الدلالة. وهذا ما ولّى شطره بحث الشيخ ابن زيد وقد جعل الإيقاع عارياً من التجريد، متعلّقاً بالدلالة لا ينفد منها.
أمّا الوجه الثاني من العُسر فمنبثق من بحث عن الخصائص الإيقاعية في الموشّح. فما قرأناه من دراسات عن الإيقاع في الشِعر والنثر كان أغلبه مُؤدّياً إلى نتائج هي من قبيل وجود مظاهر إيقاعية شتّى في هذا النصّ أو في ذاك. أمّا الحديث عن خصائص عامّة للإيقاع في جنس من الأدب فممّا زُهد فيه وعزَّ كونه. فعندما تقرأ بحث ابن زيد وتبحر فيه وتتوغّل تجد البحث ناحياً قُدُماً، مستقرّاً في نحوه إلى سمات الإيقاع التوشّحي. تجده في الترجيع من جهة كونه ألفاظاً أو مركّبات نحوية أو جُملاً متماثلة تتكرّر في مواضع متوازية. وهو في الموشّح قائم بتكرار الفقرة أو السمط من كلّ قفل على نحو عبارة الشيخ من نحو ما يوجد في موشّحات الشّشتري، كما تحقّق على سمات الإيقاع في القوافي المجنسة باعتبارها خصيصةً مميَّزةً للموشّح وباعتبار تنوّعها وتعدّدها ممّا يسم إيقاعية الموشّح. ثمّ إنّ الإيقاع التوشيحي ينشقّ خاصة من التداخل اللّغوي وقد حقّق ابن زيد نجاحاً مهمّاً في هذا الباب من قبيل أن الباحث نزّل الإيقاع التوشيحي بين إبقاع الزجل الشعبي، والإيقاع العَروضي كما هو في الشعر الفصيح. فإذا الإيقاع الموشّحي في منزلة بين المنزلتين فهو في جانب منه موصول بضوابط عروض فصيح الشِعر، وهو من جانب آخر مخلوط بتقاليد الغناء، الشفوي في الزجل.
والحاصل أنّ هذا البحث، بحثٌ ممتعٌ في توجُّهه التحليلي، ناقدٌ في ما يتوصّل إليه من خالص النتائج المرتبطة بخصائص الإيقاع التوشيحي. وعلى الرغم ممّا كان يؤمل من الدلالة أن تكون أكثر تعلّقاً بالإيقاع، فإنّ هذا العمل يُعدُّ لِبنة في بناءٍ معرفيٍّ رصين نحن أحوج ما يكون إليه ولا سيما إذا علّقنا ما شهده الشِعر الحديث من ميل إلى تعديد القوافي، وتنويع عدد التفعيلات، أفلم يكن من الأجدر وصل اللاحق بالسابق عسانا نؤصّل حداثتنا التي بقيت حداثة معطوبة تبحث عن هوية لها جذور راسخة.
2918 | 415/114 | المكتبة الرئيسية | Available |
2919 | 415/114 | المكتبة الرئيسية | Available |
2917 | 415/114 | المكتبة الرئيسية | Available |
2920 | 415/114 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available