كتاب
اولادنا- كيف نساعدهم على التفوق
ينظر كثير من شبان مدينة المنصورة المصرية إلى الدكتور عطا بركات طبيب الأسنان ابن السابعة والثلاثين باعتباره نموذجاً يحتذى، ليس فقط لقدرته الفائقة في الدمج بين نجاحه كطبيب أسنان وتأسيسه لمجموعة من المراكز المتخصصة لعلاج وتقويم الأسنان في المدينة، لكن بوصفه مخترعاً في الوقت نفسه، فقد نجح خلال سنوات قليلة رغم صغر سنه في ابتكار مجموعة من الاختراعات في مجال عمله، فضلاً عن تفوقه في الإبداع الأدبي من كتابة قصة وشعر وزجل، وحصوله على جوائز رفيعة في هذا المجال .
تمكن الفتى بركات خلال الفترة الأخيرة من تصميم أول برنامج تدريبي متخصص في صناعة العبقرية، يعتمد على مبدأ البرمجة وتنشيط مناطق المخ المختلفة وهو ما أبهر المتخصصين في دراسات علم النفس حتى أنه أصبح مادة أساسية في كثير من الأكاديميات العربية المهتمة بتنمية القدرات لدى الأطفال والكبار، وجعل منه في الوقت ذاته حديث وسائل الإعلام المصرية والعربية في الفترة الماضية .
بداية الدكتور عطا بركات مع النبوغ والتفوق في مجالات الأدب وطب الأسنان وعلم النفس تعود إلى سنوات طفولته الأولى، ففي سنوات دراسته الابتدائية والإعدادية ظهرت موهبته في إجادة أكثر من لون أدبي وهو ما أهله باقتدار للفوز بالكثير من الجوائز على مستوى مصر في كتابة القصة والشعر والزجل والمسرحيات وبعض الأفكار الجديدة في تطوير حياتنا الريفية، وبعد تفوقه في الثانوية العامة والتحاقه بكلية طب الأسنان وفي عامه الأول في الجامعة طبعت له أول قصة من تأليفه .
وبعيداً عن مجال الأدب، استطاع الدكتور عطا أن يصنع لنفسه مكانة متميزة بين أطباء الأسنان في مصر في وقت قصير، فعندما كان طالباً في كلية طب الأسنان نجح في تصميم جهاز لخلع الجذور المدفونة من دون جراحة، وتمكن من اكتشاف طريقة حديثة لحشو الأسنان دون إحداث كسر، وبعد تخرجه عمل في المهنة وحصل على مزيد من الدراسات التخصصية وأصبح زميلاً في تقويم الأسنان واستشارياً له، وأعد مشروعاً ضخماً لإقامة مجموعة مراكز لتقويم الأسنان على مستوى الوطن العربي، وحصل على براءتي اختراع أولاهما عن ابتكاره جهازاً لتعليم زراعة الأسنان للمبتدئين والثانية لتصميم جهاز ذي خصائص حديثة تساعد على تسريع عملية تقويم الأسنان وتقليل الوقت المستهلك لها .
ورغم نجاحاته المتواصلة في مجال طب الأسنان، كانت تلاحقه دائماً الأفكار المتعلقة بطبيعة النفس البشرية .
يقول الدكتور عطا: كنت مولعاً منذ صغري بالتوقف أمام قصص نجاح النابغين والعباقرة في مختلف المجالات وكنت كثيراً ما أسأل نفسي: هل العبقرية تصنع؟ وظللت أدرس عبقريات الآخرين وأبحث عن نقاط تميزهم، وبعد دراسة وجدت أنهم جميعاً أو أغلبهم كانت بداياتهم غير مشجعة حتى أن من حولهم اتهموهم بالغباء وعدم صلاحيتهم للتعليم . . ولكنهم غيروا مجرى التاريخ؟ كل ذلك وأنا أشعر أن هناك شيئاً ناقصاً . . هناك حلقة مفقودة، ووجدتني فجأة أتجه إلى دراسة علم النفس وعلم نفس الطفولة ثم أبحث عن كل دراسة تقودني إلى معرفة أي شيء عن مخ الإنسان وخاصة مخ الطفل وكيف نبرمجه وننميه، وأصبحت مدرباً معتمداً للتنمية البشرية والبرمجة اللغوية والتفكير والذاكرة من المركز الكندي في مونتريال، ولكن كل ذلك لم يكن مبتغاي، فهدفي كان كيفية تنمية الجوانب الإبداعية لدى الأطفال بهدف إخراج أجيال متميزة ومبدعة قادرة على النجاح ومواجهة صعاب الحياة .
وبعد عدة دراسات بحثية تمكن الدكتور عطا من تأليف أول برنامج تدريبي متخصص في صناعة العبقرية يعتمد على مبدأ البرمجة وتنشيط مناطق المخ المختلفة من خلال أربعة مستويات، كما قام بتحويل برنامج تعليم التفكير الشهير باسم كورت لديبونو إلى 150 قصة موجهة للأطفال تساعدهم على تنمية الإبداع والذكاء وتحسين سلوكياتهم، علاوة على ذلك صدر له عدد من المؤلفات من بينها الشخصية المحبوبة، واكتب سيناريو حياتك وكيف نساعد أولادنا على التفوق؟ . إلى جانب ذلك أسس عدداً من المراكز المتخصصة في صناعة العبقرية في محافظات مصر، وأيضاً في عدة دول عربية منها الجزائر والسعودية، كما قدم مجموعة من البرامج التدريبية التربوية من أهمها الأم العبقرية الذي تقوم فكرته على تعليم الأمهات مهارات التربية المثالية، وآخر لمعلمات رياض الأطفال ويعد الأول من نوعه على مستوى العالم .
وحول ماهية برنامج صناعة العبقرية يقول الدكتور عطا: البرنامج عبارة عن خطوات مدروسة بعناية شديدة تستهدف التنقيب عن جوانب التميز والنبوغ لدى الطفل، ولا يخلو طفل من نبوغ في مجال ما بحسب إجماع علماء الطفولة واستثارتها بشكل ذكي وتنميتها ورعايتها من أجل أن نصل بالطفل في نهاية البرنامج إلى شخص يجيد استغلال مكامن التفوق والنبوغ في شخصيته وينطلق من ذلك لتحقيق تميزه .
يقوم البرنامج كما يذكر الدكتور عطا على محاور تكمن في وضع إجابة شافية لعدد من التساؤلات حول الشخصية أهمها: هل يمكن تغيير السلوك السيئ والصفات الرديئة إلى سلوك حسن مفيد؟ هل يمكن تنمية السلوك إلى مهارة والتدريب على السلوك السليم؟ هل أنت مميز في سلوكك؟ كيف تصل إلى التميز؟ كيف تكتشف عيوبك وأخطاءك وتقوم بإصلاحها؟ اكتشف الصفات الحسنة في ذاتك ودعمها . اكتشف الصفات السيئة في ابنك وابدأ في تغييرها . كيف أحوّل الصفة أو السلوك إلى عادة ثم أحوّل العادة إلى طبع .
وبحسب ما أوضحه الدكتور عطا، فالبرنامج ينطلق من قاعدة أساسية وهي تحقيق التفوق الدراسي كأساس لتميز الطفل والمهارة في استغلال ذلك كمحفز ومشجع للطفل من أجل زيادة حصيلته المعرفية ومهارته العامة وهوايته باستخدام أحدث الأساليب في جذب الأطفال واستخدام التشويق والجذب والإثارة والكلام الإيجابي والذي يدفع بحماسة الطفل ورغبته في التميز، وذلك كله من خلال تطبيقات عملية من واقع الحياة، كل ذلك بشكل قابل للتطور والتغير وفق البيئة، وكذلك وفق الشخص نفسه فيشعر كل طفل ومتدرب أن البرنامج وضع خصيصاً له، وتتم مراعاة الفروق الفردية بين الذكور أنفسهم وكذلك الإناث، ثم بين الذكور والإناث من حيث قدرات العقل وطريقة التفكير .
وكما لكل مرحلة عمرية برنامجها الخاص بها يتوافق مع خصائص المرحلة وما يحتاجه الطفل في هذه المرحلة، هناك أيضاً اهتمام خاص بمرحلة ما قبل المدرسة وهي المرحلة الأساسية في غرس قيم التفكير والقيم السلوكية، وكذلك تطوير وتنمية القدرات العقلية، كما يتم من خلال البرنامج تأهيل الأمهات والمربيات اللاتي يتعاملن مع الطفل أيضاً .
وينقسم برنامج صناعة العبقرية كما يذكر الدكتور عطا إلى أربع مراحل أساسية موجهة للصغار والكبار على حد سواء، وتقوم أساساً على تنمية 125 منطقة في المخ كمنطقة التفكير، والقدرات العقلية والمواهب ومنطقة بناء الشخصية كالثقة في النفس، إلى جانب منطقة التسامح واتخاذ القرار .
المرحلة الأولى موجهة أساساً للأطفال من سن الولادة إلى سن السادسة عشرة، وهي تدوم 16 شهرا، والهدف منها اكتشاف نقاط الضعف عند الطفل وتقويتها، والمرحلة الثانية ومدتها شهران فهي مرحلة الدرجة النهائية وهي موجهة لتلاميذ وطلاب المدارس، والهدف منها تعليم أولادنا كيف يذاكرون وينجحون ويتفوقون .
أما المرحلة الثالثة فهي موجهة للآباء والأمهات وكل من يتعامل مع الطفل، ويتم تدريبهم على كيفية التعامل مع الطفل وتنمية القدرات العقلية للطفل الموهوب، وأما الجزء الرابع أو المرحلة الرابعة فهي خاصة بالمدرب العبقري وهي موجهة إلى كل من يرغب في التدريب الإداري من المعلمين والمربين في دور الحضانة وغيرها .
وبحسب ما أكده الدكتور عطا خضع البرنامج لتقييم عشرات من أساتذة علم النفس وعلماء الطفولة في الوطن العربي وليس مصر وحدها، وقد أضيف إليه توجيهات كثير من هؤلاء حتى خرج بصورته النهائية حاصلا على إجماع الكثير من المتخصصين بأهميته وجدوى تنفيذه العالية وأثره في بناء أطفال قادرين على النبوغ والتفوق في مجالات الحياة المختلفة .
وحول إمكانية الاستفادة من برنامج صناعة العبقرية في تنمية جوانب الابتكار والإبداع في الشخصية دون الانتساب للأكاديميات التي تطبقه ينصح الدكتور عطا باتباع بعض الخطوات منها الاستخدامات المختلفة للشيء، فلنذكر شيئاً ونحدد معه استخدامه الرئيسي ثم بعد ذلك نفكر في استخدامات أخرى، وهذا ينمي منطقة الابتكار بعد ذلك ويفتح روابط جديدة في المخ، فمثلاً الجريدة التي بين أيدينا نقرأها الآن، ما الاستخدام التقليدي لها؟ بالطبع كلنا يعرفه، ولكن ماذا لو قمنا بتحديد 5 استخدامات غير تقليدية؟
ويؤكد الدكتور عطا أهمية تدريب عقولنا على استخلاص فكرة جديدة أسبوعياً وأن نتعلم فن الاسترخاء على الأقل 10 دقائق يومياً والتفكير في أشياء غريبة، وكذلك بناء الصورة الذهنية الرائعة لشكلي وحالتي عندما أصبح مبدعاً فهذا ينشط منطقة التخيل الابتكاري في المخ وأن نتعلم كيف نسجل أفكارنا، ففور أن نسير على الطرق السابقة ستنهال الأفكار علينا من كل جانب، حينها لابد أننا تعلمنا كيف نسجل ونكتب أفكارنا قبل ذلك . وأن نمارس عملية النقد الإيجابي لذواتنا بأن ننقد التجارب السابقة ونستخلص منها الجوانب الإيجابية لننميها والجوانب السلبية لنقلصها، وأن نتعلم فن التحفيز الذاتي، فلنكافئ أنفسنا على كل إبداع أوجدناه وكل فكرة نفذناها وكل ابتكار طبقناه .
8313 | 370/750 | المكتبة الرئيسية | Available |
8314 | 370/750 | المكتبة الرئيسية | Available |
No other version available